سورة المجادلة - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المجادلة)


        


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)}
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إذا ناجيتم الرسول} الآية قال: إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فلما قال ذلك: امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا {أأشفقتم} الآية فوسع الله عليهم ولم يضيق.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والنحاس عن علي بن أبي طالب قال: «لما نزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} الآية قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ما ترى ديناراً قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينار، قلت: لا يطيقونه، قال: فكم قلت شعيرة؟ قال: إنك لزهيد، قال: فنزلت {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات} قال: فبي خفف الله عن هذه الأمة».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي قال: ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وما كانت إلا ساعة يعني آية النجوى.
وأخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن عليّ قال: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي درهماً، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات} الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: نهوا عن مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقدموا صدقة فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب، فإنه قد قدم ديناراً فتصدق به، ثم ناجى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن عشر خصال، ثم نزلت الرخصة.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال: كان من ناجى النبي صلى الله عليه وسلم تصدق بدينار، وكان أول من صنع ذلك علي بن أبي طالب، ثم نزلت الرخصة {فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: إن الأغنياء كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيكثرون مناجاته، ويغلبون الفقراء على المجالس، حتى كره النبي صلى الله عليه وسلم طول جلوسهم ومناجاتهم، فأمر الله بالصدقة عند المناجاة، فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئاً، وكان ذلك عشر ليال، وأما أهل الميسرة فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلا طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى، ويزعمون أنه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر فأنزل الله: {أأشفقتم} الآية.
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند فيه ضعف عن سعد بن أبي وقاص قال: نزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} فقدمت شعيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنك لزهيد» فنزلت الآية الأخرى {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات}.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس في المجادلة {إذا ناجيتم الرسول فقدوا بين يدي نجواكم صدقة} قال: نسختها الآية التي بعدها {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات}.
وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول} الآية قال: أول من عمل بها عليّ رضي الله عنه ثم نسخت، والله أعلم.


{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18)}
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين تولوا قوماً} الآية قال: بلغنا أنها نزلت في عبد الله بن نبتل، وكان رجلاً من المنافقين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم} قال: هم اليهود والمنافقون ويحلفون على الكذب، وهم يعلمون حلفهم أنهم لمنكم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {ألم تر إلى الذين تولوا قوماً} الآية قال: هم المنافقون تولوا اليهود {يوم يبعثهم الله} الآية قال: يحالف المنافقون ربهم يوم القيامة كما حالفوا أولياءه في الدنيا.
وأخرج أحمد والبزار والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين فقال: إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان، فإذا جاءكم فلا تكلمونه، فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق أعور فقال، حين رآه: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فقال ذرني آتك بهم، فانطلق فدعاهم فحلفوا واعتذروا فأنزل الله: {يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم} الآية والتي بعدها».


{اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)}
أخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من ثلاثة في قرية ولا بد ولا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} قال: كتب الله كتاباً فأمضاه.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه وابن عساكر عن عبد الله بن شوذب قال: جعل والد أبي عبيدة بن الجراح يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر قصده أبو عبيدة فقتله فنزلت {لا تجد قوماً يؤمنون بالله} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: «حدثت أن أبا قحافة سب النبي صلى الله عليه وسلم فصكه أبو بكر صكه فسقط، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفعلت يا أبا بكر؟ فقال: والله لو كان السيف مني قريباً لضربته»، فنزلت {لا تجد قوماً} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن ثابت بن قيس بن الشماس أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يزور خاله من المشركين فأذن له، فلما قدم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناس حوله {لا تجد قوماً يؤمنون بالله} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن كثير بن عطية عن رجل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يداً ولا نعمة فإني وجدت فيما أوحيته إليّ {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله}» قال سفيان: يرون أنها أنزلت فيمن يخالط السلطان.
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أحب في الله وأبغض في الله وعاد في الله ووال في الله فإنما تنال الله بذلك، ثم قرأ {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون} الآية.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد أما زهدك في الدنيا فتعجلت راحة نفسك، وأما انقطاعك إليّ فتعززت بي، فماذا عملت في ما لي عليك؟ قال يا رب: وما لك عليّ؟ قال: هل واليت لي ولياً أو عاديت لي عدواً؟».
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يبعث الله يوم القيامة عبداً لا ذنب له فيقول له: بأيّ الأمرين أحب إليك أن أجزيك بعملك أم بنعمتي عليك؟ قال: رب أنت تعلم أني لم أعصك، قال: خذوا عبدي بنعمة من نعمي فما يبقى له حسنة إلا استغرقتها تلك النعمة، فيقول: رب بنعمتك ورحمتك، فيقول: بنعمتي وبرحمتي ويؤتى بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له سيئة فيقال له: هل كنت توالي أوليائي؟ قال: يا رب كنت من الناس سلماً. قال: هل كنت تعادي أعدائي قال: يا رب لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحد شيء، فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي».
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوثق عرى الإِيمان الحب في الله والبغض في الله».
وأخرج الديلمي من طريق الحسن عن معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل لفاجر عندي يداً ولا نعمة فيوده قلبي، فإني وجدت فيما أوحيت إليّ {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} الآية».

1 | 2